الدرس الأول بالجزء التاسع و العشرون : الأيات من 1 : 5 من سورة الملك
كاتب الموضوع
رسالة
kamilot وزيرة التعليم فريق مشروع حفظ القرآن الكريم
عدد الرسائل : 708 البلد : egypt الأوسمة : تاريخ التسجيل : 19/07/2007
موضوع: الدرس الأول بالجزء التاسع و العشرون : الأيات من 1 : 5 من سورة الملك السبت 17 مايو 2008 - 18:35
الدرس رقم 1 الجزء التاسع و العشرون سورة الملك الآيات من 1 : 5
بَين يَدَيْ السُّورَة
* سورة المُلْك من السور المكية، شأنها شأن سائر السور المكية، التي تعالج موضوع العقيدة في أصولها الكبرى، وقد تناولت هذه السورة أهدافاً رئيسية ثلاثة وهي "إثبات عظمة الله وقدرته على الإِحياء والإِماتة .. وإِقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين .. ثم بيان عاقبة المكذبين الجاحدين للبعث والنشور".
* ابتدأت السورة الكريمة بتوضيح الهدف الأول، فذكرت أن الله جل وعلا بيده المُلْك والسلطان، وهو المهيمن على الأكوان، الذي تخضع لعظمته الرقاب وتعنو له الجباه، وهو المتصرف في الكائنات بالخلق والإِيجاد، والإِحياء والإِماتة {تبارك الذي بيده المُلْك ..} الآيات.
* ثم تحدثت عن خلق السماوات السبع، وما زيَّن الله به السماء الدنيا من الكوكب الساطعة، والنجوم اللامعة، وكلها أدلة على قدرة الله ووحدانيته {الذي خلق سبع سماواتٍ طباقاً..} الآيات.
* ثم تناولت الحديث عن المجرمين بشيءٍ من الإِسهاب، وهم يرون جهنم تتلظى وتكاد تتقطع من شدة الغضب والغيظ على أعداء الله، وقارنت بين مآل الكافرين والمؤمنين، على طريقة القرآن في الجمع بين الترهيب والترغيب {إذا أُلقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور ..}.
* وبعد أن ساقت بعض الأدلة والشواهد على عظمة الله وقدرته، حذَّرت من عذابه وسخطه أن يحل بأولئك الكفرة الجاحدين {أأمنتم منْ في السماء أن يخسف بكم الأرض فإِذا هي تمور ..} الآيات.
* وختمت السورة الكريمة بالإِنذار والتحذير للمكذبين بدعوة الرسول، من حلول العذاب بهم في الوقت الذي كانوا يتمنون فيه موت الرسول صلى الله عليه وسلم وهلاك المؤمنين {قل أرأيتم إن أهلكني اللهُ ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم} ؟ الآيات ويا له من وعيد شديد، ترتعد له الفرائص !!
فضلهــَا: تسمى هذه السورة "الواقية" و"المنجية" لأنها تقي قارئها من عذاب القبر فقد قال صلى الله عليه وسلم (هي المانعة وهي المنجية، تنجى من عذاب القبر) أخرجه الترمذي.
والآن لنرى الآيات
أولا الآيات مكتوبة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} أي تمجَّد وتعالى اللهُ العلي الكبير، المفيض على المخلوقات من فنون الخيرات، الذي بقبضة قدرته ملك السماوات والأرض، يتصرف فيهما كيف يشاء، قال ابن عباس: بيده الملك، يعزُّ من يشاء ويذل من يشاء، ويحيي ويميت، ويغني ويفقر، ويعطي ويمنع {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي وهو القادر على كل شيء له القدرة التامة، والتصرف الكامل في كل الأمور، من غير منازع ولا مدافع .. ثم بيَّن تعالى آثار قدرته، وجليل حكمته فقال {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} أي أوجد في الدنيا الحياة والموت، فأحيا من شاء وأمات من شاء، وهو الواحد القهار، وإِنما قدم الموت لأنه أهيب في النفوس وأفزع قال العلماء: ليس الموت فناءً وانقطاعاً بالكلية عن الحياة، وإِنما هو انتقال من دار إِلى دار، ولهذا ثبت في الصحيح أن الميت يسمع، ويرى، ويُحسُّ وهو في قبره كما قال عليه السلام (إِنَّ أحدكم إِذا وضع في قبره وتولَّى عنه أصحابه وإِنه ليسمع قرع نعالهم) الحديث وقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم لكنهم لا يجيبون) فالموتُ هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها للجسد {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أي ليمتحنكم ويختبركم - أيها الناس - فيرى المحسن منكم من المسيء، قال القرطبي: أن يعاملكم معاملة المختبر، فإِن الله تعالى عالم بالمطيع والعاصي أزلاً {وَهُوَ الْعَزِيزُ} أي الغالبُ في انتقامه ممن عصاه {الْغَفُورُ} لذنوب من تاب وأناب إِليه {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} أي خلق سبع سماواتٍ متطابقة، بعضها فوق بعض، كل سماء كالقبة للأُخرى {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ} أي لست ترى أيها السامع في خلق الرحمن البديع من نقص أو خلل، أو اختلاف أو تنافر، بل هي في غاية الإِحكام والإِتقان، وإِنما قال {فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ} ولم يقل "فيهن" تعظيماً لخلقهن، وتنبيهاً على باهر قدرة الله {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} أي فكرّر النظر في السماوات وردّده في خلقهن المحكم، هل ترى من شقوق وصدوع؟ {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} أي ثم ردِّد النظر مرةً بعد أُخرى، وانظر بعين الاعتبار في هذه السماوات العجيبة، مرةً بعد مرة {يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا} أي يرجع إِليك بصرك خاشعاً ذليلاً، لم ير ما تريد {وَهُوَ حَسِيرٌ} أي وهو كليلٌ متعب قد بلغ الغاية في الإِعياء، قال الإِمام الفخر الرازي: المعنى إِنك إِذا كررت نظرك لم يرجع إِليك بصرك بما طلبته من وجود الخلل والعيب، بل رجع خاسئاً مبعداً لم ير ما يهوى مع الكلال والإِعياء، وقال القرطبي: أي اردد طرفك وقلّب البصر في السماء {كَرَّتَيْن} أي مرةً بعد أخرى، يرجع إِليك البصر خاشعاً صاغراً، متباعداً عن أن يرى شيئاً من ذلك العيب والخلل، وإِنما أمر بالنظر كرتين، لأن الإِنسان إِذا نظر في الشيء مرة لا يرى عيبه، ما لم ينظر إِليه مرة أخرى، والمراد بالكرتين التكثير بدليل قوله {يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} وهو دليلٌ على كثرة النظر .. ثم بيَّن تعالى ما زين به السماء من النجوم الزاهرة والكواكب الساطعة فقال {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} اللام لام القسم و{قد} للتحقيق والمعنى والله لقد زينا السماء القريبة منكم أيها الناس بكواكب مضيئة ساطعة، هي السماء الأولى أقرب السماواتِ إِلى الأرض، قال المفسرون: سميت الكوكب مصابيح لإِضاءتها بالليل إِضاءة السراج {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} أي وجعلنا لها فائدةً أُخرى وهي رجم أعدائكم الشياطين، الذين يسترقون السمع، قال قتادة: خلق الله تعالى النجوم لثلاثٍ: زينةً للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدى بها في البر والبحر، وقال الخازن: فإِن قيل: كيف تكون زينةً للسماء، ورجوماً للشياطين، وكونها زينة يقتضي بقاءها، وكونها رجوماً يقتضي زوالها، فكيف الجمع بين هاتين الحالتين؟ فالجواب أنه ليس المراد أنهم يرمون بأجرام الكواكب، بل يجوز أن تنفصل من الكواكب شعلة وتُرمى الشياطين بتلك الشعلة وهي الشهب، ومثلها كمثل قبسٍ يؤخذ من النار وهي على حالها، أقول: ويؤيده قوله تعالى {إِلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقب} فعلى هذا، الكواكب لا يرحم بها، وإِنما يكون الرجم بالشهب {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} أي وهيأنا وأعددنا للشياطين في الآخرة - بعد الإِحراق بالشهب في الدنيا - العذاب المستعر، وهو النار الموقدة.
تم ولله الحمد.
وبعد الانتهاء من حفظ آيات السورة كلها ان شاء الله منتظرة ردودكم فى ورشة العمل للسورة كلها بأنكم أتممتم الحفظ