تفريغ المحاضرة المرئية
إدغام المتماثلين
قسمت الأحرف الملتقية في لغة العرب إلى أربع مجموعات :
1 - إما أن يكون الحرفين الملتقيين مثل بعضهما البعض وسماهما العلماء المتماثلان
2 - وإما أن يكونا من المخرج نفسه ولكن بينهما اختلاف في بعض الصفات وسماهما العلماء الحرفان المتجانسان
3 - وإما أن يكونا من مخرجين قريبين من بعضهما وسماهما العلماء الحرفان المتقاربان
4 - والأخير أن يكونا الحرفان كل منهما من مخرج وليس بينهما تقارب ولا تجانس ولا تماثل أي أنهما الحرفان المتباعدان
و نذكر اليوم حكمها عند الإلتقاء .
فإذا التقا عندهما حرفان متماثلان و الحرف الأول ساكنا والثاني متحركا فإن العرب قد اتفقوا جميعا في لغتهم أن يدغموا الحرف الأول في الثاني و هذا أمر مجمع عليه عند العرب
والأمر الثاني أنهم يدغمون إذا التقى حرفان متجانسان أي أنهما من نفس المخرج وبينهما اختلاف في بعض الصفات .
إذاً الحرفان المتماثلان والمتجانسان إذا سكن الأول منهما أجمعت العرب كلها على إدغام الأول في الثاني .
مثال ( فما ربحتْ تِجارتهم ) (البقرة 16)
التقى فيها تاءان ( ربحتْ ) آخرها تاء ساكنة ( تِجارتهم ) أولها تاء متحركة العرب لا تقول ( فما ربحتْ تِجارتهم ) لا يفعلون ذلك لا يفصلون التائين وإنما يدغمون التاء الأولى في الثانية فيقولون ( فما ربحتِّجارتهم )
وأيضا قوله تعالى ( وليكتبْ بَينكم كاتب بالعدل ) ( البقرة 282 )
( وليكتبْ ) آخرها باء ساكنة ( بَينكم ) أولها باء متحركة التقى باءان والأول ساكن وجب إدغام الأول في الثاني فنقول ) واليكتبَّينكم كاتب بالعدل ) ،
فالإدغام في اللغة الإدخال
وعند علماء التجويد إذا قالوا الإدغام فإنهم يعنون إيصال حرف ساكن بحرف متحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا من جنس الثاني يرتفع عنهما المخرج ارتفاعة واحدة .
شرح التعريف :
هذا بحث له علاقة بأمرين:
الأمر الأول له علاقة بمخارج الحروف.
الأمر الثاني كيفية حدوث الحروف العربية ، الحروف العربية إما أن تكون ساكنة أو متحركة وقلنا أن الحروف الساكنة تخرج بالتصادم بين طرفي عضو النطق
وأن الحروف المتحركة تخرج بالتباعد بين طرفي عضو النطق
يعني إذا أردت أن أنطق ميما ساكنة فأقول هكذا ( أَمْ ) فتكون الشفتان متباعدتان عن بعضهما ثم تصطدمان هكذا ( أَمْ ) فنهاية الحرف الساكن شفتان ملتصقتان
فإذا قيل لأحدنا أُنطق ميما مفتوحة أولا يلصق شفتيه من غير صوت ثم يقول ( مَا )
إذاً بداية الميم المتحركة شفتان ملتصقتان ثم تبتعدان هكذا ونهاية الميم الساكنة شفتان مبتعدتان ثم تصطدمان
هكذا فلاحظوا بأن نهاية الساكن بداية المتحرك وهذا هو سبب ادغام العرب الحروف المتماثلة لأن نهاية الساكن وهي التصادم بداية المتحرك وهو التباعد فبدلا من أن يعيدوا الحرف مرتين ويكرروا المخرج قيقولوا ( لكمْ مَا كسبتم ) فيصبح في صعوبة في النطق لتكرار الحرف مرتين بينما نقول ( لكمَّاكسبتم ) أطبقنا على ميم ساكنة وفتحنا على ميم متحركة لذلك أدغمت العرب هذان الحرفان لتسهيل النطق بهما
وعلى هذا نقيس كل الحروف فمثلا
الدال عند الدال: ﴿وَقَـد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ﴾ (المائدة 61) وتقرأ وَقَدَّخَلُوا.
- الذال عند الذال: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً﴾ (الأنبياء 87) وتقرأ إِذَّهَبَ
- الكاف عند الكاف: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ﴾ (النساء 78) وتقرأ يُدْرِكُّم
- اللام عند اللام: ﴿قُـل لاَّ أَشْهَدُ﴾ (الأنعام 19)
- الفاء عند الفاء: ﴿فَلاَ يُسْرِف فِّــي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ (الإسراء 33)
- الباء عند الباء: ﴿اذْهَب بِّـكِتَابِي هَذَا﴾ (النمل 28)
- الميم عند الميم: ﴿قَدْ جَاءتْكُـم مَّـوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ (يونس 57)
- النون عند النون: ﴿لَـن نَّـصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ (البقرة 61)
إذاً الإدغام هو عملية حذف الأمر الزائد بين الحرف المتحرك والحرف الساكن وهو أسهل بكثير من الإظهار لا شك بأن الأصل الإظهار لكن الإدغام في هذه الأحوال أسهل في النطق لذلك كانت العرب تدغم الأول من المثلين في الثاني إن كان الأول ساكنا
كذلك المتجانسين مثلا ( إذ همتْ طَائفتان ) ( همتْ ) آخرها تاء ساكنة ( طائفتان ) أولها طاء والتاء والطاء من مخرج واحد فبدل أن تقول العرب ( همتْ طَائفتان ) بحيث تظهر التاء والطاء فاللسان يترك المكان ثم يعود إلى المكان بذاته بدلا من ذلك يحولون التاء إلى طاء فيلتقي طاءان الأولى ساكنة والثانية متحركة فيدغمون الأولى في الثانية فيقولون ( إذ همطًّائفتان ) لا حظوا الصوت ما عاد في تاء في النطق وهذا فقط في حالة الوصل
أما لو وقفنا فنقول ( همتْ ) فلا يكون هناك إدغاما لأن الإدغام هو من الصفات العارضة التي تكون عند تجاور الحروف فعندما نقف على كلمة) همتْ ) ما تجاورت التاء مع الطاء لكن لما أصل تحدث المجاورة وبالتالي يحدث الإدغام
ولا إدغام إذا كان أول الحرفين حرف مد مثل:
( الذي يوسوس في صدور الناس ) سورة الناس
( الذيْ ) آخرها ياء ساكنة ( يُوسوس ) أولها ياء متحركة فلا ندغم الياء الأولى في الياء الثانية لأن الياء الأولى حرف مد
ومثل ذلك ( قالوا وهم فيها يختصمون ) ( سورة الشعراء 96 )
( قالوا ) آخرها واو مدية ( وهم ) أولها واو متحركة أيضا هنا لا ندغم بل نقول ( قالوا وَهم فيها ) من دون إدغام فهنا يتعين الإظهار
.
قاعدة : حكم الإدغام في الأحرف الملتقية
اتفق القراء على وجوب الإدغام في الحرفين المتماثلين والمتجانسين واتفقوا على وجوب الإظهار في المتباعدين ، واختلفوا في إدغام المتقاربين .
قاعدة :- إدغام الحرفين المتماثلين
يجب إدغام الأول من المتماثلين ( إن كان ساكنا ) في الثاني إلا إذا كان حرف مد نحو ( قالوا وهم) ، ( الذي يوسوس.)
انتهى ولله الحمد